تلاميد م.م.أسرسيف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

خاص بعصابة المسرح العربي[أيها العرب]

اذهب الى الأسفل

خاص بعصابة المسرح العربي[أيها العرب] Empty خاص بعصابة المسرح العربي[أيها العرب]

مُساهمة  said السبت مايو 10, 2008 3:09 pm

إن ظاهرة الإعداد والاقتباس من التراث المسرحي القديم معروفة ومتداولة في مختلف العصور، قد يحتفظ المعد والمقتبس بهيكل المسرحية القديمة، وبعض الجوانب من موضوعها وربما شخصياتها، أما التغيير والتعديل، فينصبان على مضمون ودلالات تلك المسرحية بغية تقريبها وتماهيها مع أسئلة ومعاناة ومستجدات عصر المعد وهمومه ومتطلباته..

ظهر الإعداد والاقتباس في العراق، قبل ظهور أية محاولة إبداعية أصيلة في كتابة المسرحية، إذ كان لكنائس الموصل ومدارسها الدينية اهتمام متميز في إعداد واقتباس المسرحيات الدينية والتربوية، لقد أعد الشماس (حنا حبشي) واقتبس ثلاث كوميديات بعد أن ترجمها عن الفرنسية أو الإنكليزية: آدم وحواء، يوسف الحسن وطوبيا في أواخر القرن التاسع عشر، وفي نفس الفترة أعد (نعوم فتح الله) سحار واقتبس (لطيف وخوشابا) من مسرحية فرنسية لمدام دلنوار.. وفي أواخر القرن العشرين جرى إعداد واقتباس مسرحيات عديدة في العراق ولعل أهمها مسرحية (نفوس) التي أعدها الفنان قاسم محمد واقتبسها ـ أواسط الستينات ـ من مسرحية (الحرفيون) أو (البرجوازيون) لغوركي. وفي السبعينات أعد الشاعر والفنان (صادق الصائغ) وعرّق مسرحية (بونتيلا وتابعه ماتي) لبرتولد بريخت تحت عنوان (البيك والسايق)، كما أعد (يوسف الصائغ) في الثمانينات مسرحية (دزدمونة) بعد أن اقتبسها من مسرحية (عطيل) لشكسبير.

في خريف ألفين أعد الفنان (فارس الماشطة) وعرّق مسرحية (ضرر التبغ للروسي الشهير تشيخوف، وجاءت تحت عنوان (عليكم سلاماً)، فتبناها (التجمع الثقافي الاجتماعي العراقي) في مدينة (دَلَفْت) الهولندية، وعهد بإخراجها وإنجازها مسرحياً إلى الفنان الماشطة نفسه، لتكون إضافة جديدة إلى النشاطات الثقافية الواسعة للتجمع المذكور..

في الرابع عشر من أكتوبر ـ تشرين الأول 2000، بدأ العرض الأول للمسرحية وتواصل في الواحد والعشرين من الشهر نفسه، حيث توافدت على المسرحية فئات معتبرة شعبية ومثقفة من الجالية العراقية، القاطنة في (دلفت) والمدن الأخرى المجاورة.

لقد احتوى المشاهدون الخطاب الدرامي بعلاماته وإشاراته وآلياته المشفرة أو المباشرة باهتمام وتجاوب كبيرين، خاصة حين راح هذا الخطاب يداعب ويتهامس مع أحاسيسهم وذاكرتهم الجمعية البعيدة والقريبة بشأن هموم وحاضر وطنهم المفجوع ومستقبله المجهول في حياة محاصرة وقاتمة، وهذا ما هيج العواطف وأوقد الأذهان عبر نقاشات واجتهادات فكرية وفنية متنوعة بردودها وانعكاساتها، بعد كل عرض للمسرحية، وإثراءً لهذه الظاهرة الإيجابية في الثقافة العراقية في المهجر. وددت ـ كقارئ للنص الأصلي والنص المقتبس والمعرّق ومشاهد للعرض المسرحي ـ المساهمة في تلك الاجتهادات والنقاشات المذكورة من خلال المتابعة الميدانية المتواضعة التالية:

كيف تجاوب وتعامل الفنان الماشطة مع مسرحية لكاتب سيكولوجي مبدع ومولع بالشخصيات النمطية الكوميدية التي أشاعها في مسرحياته ذوات الفصل الواحد. (ضرر التبغ) إحداها ولو أنها تتفرد عن غيرها بشخصيتها الواحدة، أي أنها تندرج ـ بأسلوبها ـ في مدار الـ MONODRAMA ذات الحوار المكثف والمتدفق من تيار الشعور ـ الوعي ـ المونولوج الداخلي؟

لا شك أن الفنان (الماشطة) على دراية تامة بهذه البدهيات الدرامية فهو متخرج مختص في المسرح، مثّل وأخرج كثيراً في الداخل والمهجر، ولابد أنه درس الأصل وتمعن جيداً في إعداده واقتباسه، كما توفر على معلومات وافية حول خصوصية أسلوب تشيخوف ومهارته في بناء الشخصية وبلورة الموقف الدرامي من خلال خطابها وعلاقاتها، ذلك الموقف الذي يبدو هادئاً وربما سألنا في الظاهر، إلا أنه يطفح بالانفجارات من الداخل، لهذا كله، حين شرع الفنان (الماشطة) باقتباس المسرحية وإعدادها احتفظ بهيكلها وموضوعها وشخصيتها الأساسية ـ شكلياً ـ مع بعض التعديلات في هذا الجانب أو ذاك، إلا أنه بذل مجهوداً عالياً من أجل تطوير العلاقات الاجتماعية والدلالة الفكرية ـ المضمون ـ لمسرحيته الجديدة، خاصة وأن الأصل هو من المنجزات الفنية لتشيخوف في نهاية القرن التاسع عشر، وهذا ما تطلب توفير رؤى واجتهادات تقنية أخرى تتناسب وتتقارب مع التحولات الفكرية والاجتماعية والفنية الكبيرة التي تعم عصرنا الحاضر، وهذا بدوره يستدعي إجراء تعديلات وابتكارات بنيوية درامية لاحتواء تلك التحولات، وهذا ما حاول إنجازه الفنان الماشطة.. على مستوى بنائها الدرامي وتصميم صورها الفنية الجديدة.

حين نتأمل السياق الدرامي كمنظومة من وحدات متناهية ومتحدة يمكن أن نستقرئ آلياته المعمارية من شخصيات ومواقف وأحداث ضمن علاماتها وإشاراتها وإيقوناتها المشفرة والمباشرة وعلى ضوء التعديلات والإضافات والابتكارات التي أضفاها الفنان الماشطة فسوف نلاحظ: أن الزوجة التي يتواتر وصفها ضمن خطاب ـ المحاضر في ضرر التبغ ـ كامرأة أنانية مشاكسة متكبرة، لا تحترم زوجها، قد تحولت في (عليكم سلاماً) إلى شيء آخر، حيث أضحت رمزاً محسوساً على خشبة المسرح، وبصورة مرعبة، ذات دلالة كارثية اجتماعية إنسانية لا ينصب عدوانها وشرها على زوجها فقط، إنما ينصب على وطن بأسره، كصورة مؤلينة ـ مغرّبة ـ بشكل مرعب، تتواءم مع تيار الشعور الذي يتفجر على لسان المحاضر الذي راح يعدد ممتلكاتها الفظيعة والمرعبة، مسلخ كبير جداً.. تسلخ فيه كافة الحيوانات اللبونة وغيرها، وهذا يشمل الإنسان أيضاً مرفق للتحنيط.. مصح أمراض عقلية ونفسية، معامل لتصدير المعادن الثمينة.. فضلاً عن كلاب حراسة متوحشة وشرسة.. المحاضر ـ الزوج ـ طالما ردد: آني جوعان، إنني جائع دائماً.. هذه الرموز اللفظية أضفت على الصورة بشاعة كبيرة تتجاوز حدود امرأة فظة شرسة لترمز إلى قوى غير فردية، إنما قوى شمولية إرهابية متسلطة. وعبر خطاب الزوج ـ المونولوج الداخلي ـ تتجلى عذابات مريعة وحرمان متواصل وإهانة دائمة لأكثر من ثلاثين عاماً هذه الإيحاءات والتداعيات تتجاوز حدود أية امرأة ممكنة اللهم إلا صاحبة المسلخ الكبير وكلاب الحراسة الشرسة.

أما الشخصية الجديدة الثانية التي ابتكرها الفنان الماشطة فهي عازف السنطور (دايخ) الذي لازم المسرحية من بدايتها إلى نهايتها، على الرغم من نمطيتها الشعبية التي يمكن أن يعوَّل عليها كأداة مهمة في معمار المسرحية، إلا أنها تكاد أن تكون طارئة على العلاقات التي تربط أجزاء المسرحية بعضها ببعض.. لقد نام (دايخ) بعد بضع دقائق من بداية المسرحية ونام في وسطها، لانكبابه على شرب الخمرة ومواصلة السكر حتى النهاية عدا بعض فترات العزف على السنطور والغناء حينما يستريح المحاضر قليلاً.. ربما أريد من إضافة (دايخ) إلى شخصيات المسرحية لتقديم مسحة من البيئة العراقية على فضاء المسرحية من خلال السنطور الآلة الموسيقية العراقية الصميمة، والأغاني الشعبية القديمة.

الأغاني في المسرح لا تعكس ملامح بيئتها فقط، إنما لها وظائف درامية مهمة وفعالة أيضاً. إن معظم الكتّاب القدامى والمعاصرين والمحدثين جعلوا الأغنية ذات قيمة معمارية في المسرحية فهي تلقي الأضواء على الأحداث والشخصيات وتلعب دور المونولوج. كان ممكناً وبمنتهى السهولة توظيف بعض الأغاني الشعبية التي ظهرت وشاعت أيام الهبات الشعبية والانتفاضات التقدمية التي عرفها تاريخ النضال في العراق كأغاني أحمد الخليل.. عزيز علي أو الأغاني الوطنية السائدة حالياً في المهجر لكي تتوازن مع صاحبة المسالخ ومناجم المعادن الثمينة وكلاب الحراسة الشرسة..!

إذا قارنا المحاضر في ظل التغييرات والإضافات فسوف نجده كما كان في النص (الأصل) بمثابة حجر الأساس في تشييد المعمار الدرامي لـ(عليكم سلاماً) برمته، فضلاً عن ذلك فهو المحرك والمبلور للأحداث، يضع الخطاب ويبعث العلامات والإشارات، هو المتحدث والمستمع، وحلقة الاتصال بين المسرح والمشاهدين، كل الأنظار والاهتمامات مشدودة نحوه وهو يتربع على قمة الترتيب الهرمي لمسار المسرحية كأيقونة بديعة تتصدر السياق الدرامي وخطابه في آن واحد. إذ رغم إضافة شخصيتين إلى المسرحية ـ الزوجة التي انتقلت من الدال المحسوس إلى المدلول المفهوم والملموس أيضاً فوق خشبة المسرح، وشخصية عازف السنطور دايخ، ظل الخطاب والحدث متمركزاً في شخصية المحاضر، وهذا ما دفع مسرحية (عليكم سلاماً) بالضرورة في مدار المونودراما، وهذا بدوره حمل المحاضر إلى الانسياق في تيار الشعور ـ المونولوج الداخلي ـ ولتتواصل عملية العرض كما صممت إخراجياً ـ كل شيء تمركز حول الممثل ـ المحاضر الذي أخذ يحتوي العالم بغنائيته، وإذا توفرت هذه الغنائية على صراعات.. فهي موجودة مسبقاً وخارج المسرح، وهذا ما يسمح للممثل بالرجوع إلى الوراء.. الماضي، لتجسيدها تعبيرياً، لا ينقطع تماماً عن الواقع بل يعود إليه ليبحث عن قرار أو جواب حول ما يعانيه أو يتهدده، وهذا ما كان يتمثله المحاضر، هكذا أضحت الشخصيات متشيئة إلى علامة ذات صفات وخصائص نوعية تفتقر إليها ما قبل المسرح وهي في ذات الوقت تقوم بدور معادل لشيء ما، وذات علاقة بالشيء الذي أخذت مكانه في آن واحد، والشخصيات على المسرح خيالية تصنع الحدث وتشيده في مدار الافتراض والاحتمال.. وهذا ما تحقق من خلال المحاضر والزوجة.

إذا تفحصنا عملية العرض المتغيرة من حيث التصميم المدروس لحركة الأشياء وبرمجة سيرورتها في مجرى الأحداث التي أغلبها في مدار الماضي، ولم يبق سوى صداها في تيار الشعور فما هي الوسائل التي اعتمدها المخرج من أجل إيصالها إلى المشاهد وكيف..؟

الفنان الماشطة كمخرج ـ له رصيد مسرحي مرموق في الشرق الجزائري وليبيا ـ توفر على دراية جيدة في تشخيص أعمق الخصائص الإنسانية لشخصياته في (عليكم سلاماً) بعد أن استوعب أبعادهم الفيزيائية والنفسية والاجتماعية. ووفق هذه الأبعاد راح يبلورهم بإبداع نحو أهدافهم المتناقضة والمتحدة في منظومة البناء الشامل للمسرحية، باتجاه النهاية الفنية المناسبة.. لمواقف الشخصيات ومجريات الأحداث. حين عالج شخصية المحاضر ـ إخراجياً ـ تلك الشخصية التي مثلها بنفسه، حاول أن يضع على المسرح صورة فنية نموذجية وشيّقة، من حيث هيأته ـ أكسسواره، تصرفه، مرونة جسمه، وحركاته وإيماءاته التعبيرية المتناغمة مع خطابه ـ حواره الداخلي.. وهذا ما مكنه أن يفرض إعجاب المشاهدين به، ولعل الالتفاتة الإخراجية الذكية بتوفير ممر ما بين المسرح والصالة، وانتقال المحاضر بين حين وآخر للالتقاء بالمشاهدين لمحاورتهم أو مداعبتهم، وفّر أجواء ثقة وصداقة ما بين المسرح والصالة.. وحين أخذ المحاضر ـ وبغنائية شجية ـ يعمم بمهارة تعبيرية متقنة شفرات معاناته ومؤشرات عذاباته القاسية وما يتهدد حياته من أخطار داهمة، باعتبارها لا تخصه وحده، إنما تشمل كل العزل والمقهورين والمحاصرين في بؤر الجوع والرعب والطغيان في كل مكان.. وإذا تكرر الرقم ثلاثة عشر مرتين أو ثلاثاً في (ضرر التبغ) تعبيراً عن سوء الطالع، فإنه عاد ليتكرر على لسان محاضر (عليكم سلاماً) إحدى عشرة مرة، ومن في الخمسينات من عمره من العراقيين يتذكر جيداً مدلول هذا الرقم السيئ وما جره على أبر أبناء العراق من مثقفين ومبدعين تقدميين من هلاك وعذاب في أحلك الفترات وأبشعها إرهاباً وخرقاً للحريات والحقوق والحرمات.. ويندرج الرقم ثلاثون الذي تكرر مراراً في خطاب المحاضر في نفس زاوية الرقم ثلاثة عشر الغاشم.. هذه الومضات من الدلالات التعبيرية الكبيرة والعميقة، كادت أن تحمل المشاهدين إلى سياق العرض ليندمجوا مع هموم المحاضر وعذاباته، كما لو أنهم راحوا يحسون محنته ويعانون مصائبه، بل ويتمثلون في وعيهم تداعياته القاسية والمثيرة خاصة عندما تمرد وانتفض بوجه "تابو" الجوع والإرهاب والحصار واندفع ليعصف بأكاذيبه وظلامه وكلاب حراسته..

عندما حاول الفنان الماشطة جر الزوجة من خطاب تيار الشعور ـ الوعي ـ وتشييئها فوق خشبة المسرح، فهو لم يُعْنَ بها كامرأة فظة شرسة مع زوجها، إنما شيّأها كدالّ لقوى شمولية مدمرة وبذلك أقدم على خطوة في غاية الابتكار والجرأة والمغامرة على شتى المستويات، الفنية والاجتماعية والإنسانية، ومن تعقيدات شخصيتها ـ المدورة ـ الديناصورية استخلص كل ما يدل عليها من نزعات همجية عدوانية تدميرية، يستنسخ دمية مهولة ـ مؤلينة ـ في غاية القبح والغرابة.. إنها كودة القبح تماماً.. ولا تختلف عن صورة القبح التي رسمها نيتشه في عبارته التالية: "وكل ما كان قبيحاً يضعف الإنسان ويقبض صدره، أو يذكره بالانحطاط والوهن.." لقد مهد المخرج وأوحى إلى المشاهدين بكل ما تتوفر عليه الدمية من بلاء وشر قبل أن يراها أحد بدعائه الظريف، حيث طالب المشاهدين أن يرددوه بعده: اللهم إني أسألك أن تسخط من في بالي، قرد القرود.. زبالة اليهود.. غائط الأسود.. عدماً في وجود.. الدمية ـ رغم بشاعتها ـ صورة تفيض بالإيحاءات والتداعيات التي لا تنفصل عما يعانيه الناس في بلد مقهور ومحصور خارجياً وداخلياً.. أنتقي أكسسوارها الملائم بعناية وأعد جيداً الممثل البديع (بلال ماشطة) الذي تقمص قناعها الرهيب، وبرمج المخرج مرورها من الصالة إلى المسرح بدقة ودراية لغاية تناثر أشلائها في جو عاصف في الصالة والمسرح يدل على الاحتجاج والتمرد وتغيير الوضعيات الأساسية في مجرى الأحداث التي كانت تغلي داخل المسرح وداخل القاعة..

إذا تأملنا وضعية عازف السنطور في نطاق الميزانسين وضمن الخطة الإخراجية بشكل عام فسوف تتجلى كما لو أنها غير محسومة بدقة، ولعل البناء الذاتي لهذه الشخصية (دايخ) لم يصمم بدقة ليلتحم بالبناء العام للمسرحية ويصبح جزءاً منه، بل ظل هامشياً، وهذا ما عقد مهمة المخرج في بلورتها وتفعيلها، رغم المحاولات الكثيرة، التي بذلها لتقريبها أو تكييفها نحو اتجاه كوميدي من خلال الإدمان على الخمرة، لإضفاء شيء من المرح على فضاء المسرحية، إلا أن شخصية (دايخ) لم تكن مؤهلة لهذه المهمة لأنها بلا هدف معين، (بونتيلا) في مسرحية بريخت ـ بونتيلا وتابعه ماتي ـ كان سكيراً أيضاً وربما أكثر من دايخ إلا أن سكر بونتيلا كان بمثابة المحرك الفعال في تطور مسرحية بريخت.. حبذا لو جرى الاهتمام بأكسسوار دايخ، لاسيما وأن جوقة الجالغي البغدادي ـ ومنهم عازف السنطور ـ يتميزون بأزيائهم الشعبية البديعة: الجراوية المجوته، وزبون البته، والدميري المطرز بألوانه الزاهية، هذه الأزياء التي تتناسق مع آلاتهم الموسيقية وأغانيهم الشعبية التراثية.

مَن تابع شخصية دايخ فسوف يتذكر أنها ستاتية STATIC سكونية، هي أقرب إلى الديكور في المسرحية منها إلى شخصية ذات دلالة فاعلة، ولولا سنطوره وبعض أغانيه الشعبية، التي طرب لها كثيرون لأصبح عبئاً أكثر من ثقيل في سياق العرض..

حبذا لو بادر المخرج باستخدام الموسيقى التصويرية لمصاحبة المواقف التعبيرية المهمة وهي كثيرة في المسرحية، خاصة عند احتجاج المحاضر وانفجار غضبه الشديد، أو مع الدهشة والإثارة أثناء ظهور الدمية وخاصة في لحظة تناثر أوصالها.. الإنارة في حدود الإمكانيات المتوفرة جيدة، حيث استطاعت تغطية الأحداث والحركة فوق خشبة المسرح كما يجب.

مسرحية (عليكم سلاماً) اقتباس وإعداد وإخراج وتمثيل الفنان فارس الماشطة، هي شهادة إثبات يقدمها المسرح العراقي في المهجر ضد كل الخروقات والتجاوزات التي تقهر الإنسان وتهينه وتذله، وهبّة جريئة للمسرح المذكور من أجل رؤى إبداعية خلاقة فنياً وفكرياً واجتماعياً..

هكذا استطاع الفنان فارس الماشطة وبشجاعة أن ينطلق بإنجازه النفيس ليقتحم الحواجز والأسوار المنيعة التي تحرسها تابوهات الأكاذيب والتضليل والغدر التي تلجم أفواه الكثيرين وتشلّ أقلامهم عند كل محاكمة فنية أدبية لقضية الوطن المغلوب والمقهور والمحصور داخلياً وخارجياً..!

said
Admin
Admin

المساهمات : 373
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
العمر : 34
الموقع : www.asrssif.yoo7.com

https://asrssif.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى